الصفحة الرئيسية  أخبار عالميّة

أخبار عالميّة لمن سيصوت العرب في الانتخابات الرئاسية الفرنسية؟

نشر في  21 أفريل 2017  (13:00)

بقلم نزار الجليدي

أيام قليلة تفصلنا عن انتخابات الدور الأول للإنتخابات الفرنسية ويدخل الفرنسيون اختباراً جديداً بتوجههم صوب صناديق الاقتراع، لكن هذه المرة الوضع مختلف أمام زخم إعلامي وصراع علي أشده وتوقعات غير ثابتة وتكتم جزء كبير من الفرنسيين علي اختيارهم الي حد اللحظة حتي ذهب عدد كبير بالقول أن في فرنسا حزب جديد اسمه "حزب المترددين".

ولعل هاجس السيناريو الأمريكي يؤرق الفرنسيين بصورة كبيرة... والفرنسيون من أصول عربية ليسوا بعيدين عن هذا الإختبار، فسيــــاسات الرئيس الجديد ستلقي بظلالها على المشهد العربي برمته، لا سيما الملفات الساخنة فيه، وفي مقدمتها الملفّان السوري والفلسطيني، وموضوع الهجــــــرة واللاجئين والصحراء الغربية.

ولعل السؤال الهام الذي يطرح الآن هو "ما مدى تأثير الجالية العربية في فرنسا في السباق الانتخابي"؟ المتتبع لتحركات المرشحين يلاحظ أن أغلبهم تحرك صوب العالم العربي، وذلك طمعاً بالكتلة التصويتية للجالية العربية في فرنسا وأهمية دول الأصل للمهاجرين في اللعبة السياسية الفرنسي.

ولنفهم الأمر أكثر، نعرض في ما يلي لمحة عن المرشحين الأربعة الأكثر حظا في المنافسة حسب رأينا ونرصد بعدها إنتظارات المهاجرين من لعبة الانتخابات الفرنسية هذه:

• "ميلنشون" قائد حركة فرنسا الأبية" استطاع وهو سليل أقصي اليسار أن يرسم خطا ثالثا لنفسه ويسوق صورة للشيوعية المنفتحة والمتسامحة والقادرة علي الإقتراح وإيجاد حلول لأمهات المشاكل التي تؤرق بال الفرنسيين... هذا الذي ولد في المغرب إستطاع أن يبعث برسائل إيجابية في خطابه لمن هم علي ضفاف البحر الأبيض المتوسط من المهاجرين واللاجئين والمتعاطفين معهم وذلك بقوله "إني أشتم رائحة الموت من هذا البحر وفرنسا ستكون حامية لمن أختار أن يهاجر لها"... خطاب شعري يحتاج الي آليات تنفيذ..

• "ماكرون" مرشح تيار الوسط، الشاب ذو التاسعة والثلاثين عاماً، نجح في أن يصبح ظاهرة سياسية لفتت أنظار الجميع يغازل الأعراف والعمال علي حد السواء وخطب ود الجالية العربية منذ البداية عندما ذهب الي الجزائر ووصف الإستعمار الفرنسي بأنه "جريمة" ودعم موقفه من القضايا الخارجية خاصة سوريا داعيا إلى ضرورة تبني ما أسماه "سياسة متوازنة" حيال النظام السوري وفصائل المعارضة، رافضاً أن يكون تنحي الرئيس السوري بشار الأسد شرطاً مسبقاً لأي تقدم في الملف، ومعتبراً أن تيارات اليمين واليسار الفرنسي منذ بداية الأزمة وقعت في خطأ وضع رحيل الأسد كشرط مسبق لإستمرار المفاوضات وحلحلة الأزمة. طالب أيضا بحل سياسي للأزمة من أجل عودة اللاجئين ووعد في آخر خطاباته الجالية بدرس ملفات الهجرة في غضون شهرين عوض سنوات الانتظار...

• "مارين لوبان" زعيمة اليمين المتطرف أو "ترامب المؤنث" مواقفها مضطربة ومتداخلة وعنيفة تجاه العرب والمسلمين والهجرة إضافة إلى تبنيها سياسات شعبوية تهم الفرنسيين كالرجوع الي عملة الفرنك والخروج عن أوروبا، وبدورها إتجهت إلى لبنان وغازلت مسيحي الشرق واليهود العرب. ويبقي الموقف الوحيد الذي يحسب لها هو من الوضع في سوريا أثناء مقابلة متلفزة: "استمعوا إلى السوريين، وسترون أن ما ينتظرونه هو أن يربح بشار الأسد هذه الحرب ضد الأصوليين الإسلاميين". فيما عدا هذا فإن خطابها هو عبارة عن قوالب جاهزة عدائية نحو العرب والمسلمين وكل المهاجرين... و هي بعكس كل المرشحين تعول علي خطابها المتطرف لتجني ثمار خزان إنتخابي معاد للهجرة والتنوع.

"فيون" المترشح الإنتحاري، اليميني الذي هزم "جوبيه"، رئيس الحكومة الأسبق، ومرشح "حزب الجمهوريين" اليميني الفرنسي، عدل عن السفر الي لبنان والعراق على إثر تقديمه للمحاكمة في قضية الوظائف الوهمية.. "فيون" هو المرشح الوحيد الذي قام بزيارة رمزيه إلى أقدم مسجد في فرنسا، داعياً من هناك إلى أن يكونوا دعاة سلام ومحاربين للتطرف، ومن القلائل في النخبة الفرنسية المطالبين بضرورة الحوار مع بشار الأسد، فبالرغم من وصفه له بـ"الديكتاتور" فإنه إستبعد أي تسوية للأزمة السورية بدونه، كما جاء على لسانه في تصريحات إذاعية عدة... هذا الأخير ينتهج سياسة متوازنة في خطابه حول الهجرة والسياسة الخارجية...

• "هامون" مرشح اليسار التقليدي، الوزير السابق والنائب الأوروبي، نجح في الإطاحة بـ"فالس" وفجر بعض المفاجآت خلال المناظرة التي جرت بينه وبين "فالس" في الانتخابات التمهيدية لليسار الفرنسي، حين أقر بأن الإسلام ليس مشكلة لفرنسا، مطالباً بعدم منع إرتداء الحجاب، وضرورة إحترام الفرنسيين لحقوق الغير، ونبذ الطائفية والتعصب، إلى حد ذهب كثيرون إلى تسميته "بمرشح الإخوان المسلمين" في ملف الهجرة واللجوء. دعا إلى تسهيلات كبيرة وإلى التحلي بالليونة لكن تبقى مواقفه مجرد كلام إنتخابي لأن المؤسسات هي التي تحكم في فرنسا"..

إذن.... مَن الأقرب إلى العرب؟ يري أغلب الفرنسيين من أصول عربية، أن قائد حملة "فرنسا الأبية" هو المرشح الوحيد الذي يعبر عن طموحات وإنتظارات الجالية ولكن يعرفون في الآن ذاته أن حظوظه ضعيفة رغم تقدمه في إستطلاعات الرأي الأخيرة..

ولكن تظل نسبة نجاحه من عدمها ووصوله إلى الدور الثاني واردة في حالة إنقلاب الفرنسيين علي التقاليد القديمة وتبعيتهم إلى الإعلام... وفي مقام ثان يجذب "ماكرون" و"وفيلون" إهتمام الجالية خاصة أن تصريحاتهما تبدو متوازنة وهما ماسكان بخيوط التوازنات الداخليه والخارجية في حين يخشى العرب وصول زعيمة التطرف "لوبان" ويعتبرونها "سيناريو ترامب" الذي قد يعاد برغم ثقتهم في أن الشعب الفرنسي في كينونته يرفض أن يحكم بفكر إقصائي وأن فرنسا تحتاج إلى العالم الخارجي ومستعمراتها القديمة كخزان اقتصادي وامتداد ثقافي لا غنى عنه... وإن غدا لناظره لقريب.